مكتبة
رواية جنوب الحدود، غرب الشمس
رواية جنوب الحدود، غرب الشمس للكاتب والأديب الياباني هاروكي موراكامي، تبدأ بحلم، وعالم وردي، وعقدة الوحدة لطفل وحيد، لا يمكن أن يتخيل الحياة إلا مثار صراع هائل، وإن كانت هادئة ومريحة، ففي كل بداية، هناك إحساس بالاختلاف، والذي يتناول اختلاف الطفل الوحيد هذه المرة عن إخوانه وأقرانه، ذلك الكائن الذي يأتي دون إخوة، في المجتمع الياباني الذي تحوك الرواية طرفاً منه، المجتمع الذي اعتاد على طفلين أو ثلاثة، يأتي الوعي بالاختلاف كأول وعي سلبي يعايشه البطل "هاجيمي"، لكنه استطاع أن يبني حياته المثالية، بعد تجاهل الخيبات الأولى، انغمس في حياته ومغامراته مع النساء، ليحيا الروتين المعتاد، أب لطفلتين، وصاحب أعمال، وبضع خيانات، ومتورط في حياة لا يشعر حيالها بشيء، إلى أن يعود ماضيه ليهدم عالمه المثالي، ويثبت له أنه إنسان لا يكتمل، ومدار للتشظي والألم.
يحدث هذا عندما تطل عليه صديقة الطفولة "شيماموتو"، التي تأتي لتغيب، وتحيل كل شيء إلى أشياء لا يدركها ولا يستطيع أن يعرف ماهيتها أو إلى أين تتجه.
بعد هذه التداعيات يعيد "هاجيمي" النظر في تفاصيل وجوده إبان تعرضه لأزمة منتصف العمر. هناك موسيقى الجاز على وجه الخصوص، وامرأة ذات جمال أثيري تطارده بعد أن خرجت من ماضيه لتؤثر على حاضره. هناك جنس، وهناك حب عميق، وغموض، ورجل عليه أن يختار بين معطيات الحب واحتمالاته.
يحيط الغموض بشيماموتو من كل جانب. يدرك القارئ أن ثمة مأساة غامضة قد حلت بها، لكن لا توجد أية تفاصيل غير أنها فقدت طفلا لها في ظروف مجهولة، وبالتالي فإن رواية "جنوب الحدود، غرب الشمس" تأخذ بعدا أكثر مأساوية من غيرها.
يرمز "غرب الشمس" إلى البحث عن شيء ما في مكان مختلف لا يمكن أن يكون موجودا، بينما يشير "جنوب الحدود" إلى اكتشاف أن ما وراء الحدود ربما لا يكون أي شيء على الإطلاق، هذا إذا استطاع المرء الوصول إليه أصلا. وهذا ملخص ممتاز للوضع الذي وجد هاجيمي نفسه فيه. إنه يحب زوجته وابنتيه، والنجاح الذي حققه في عمله يفوق بأضعاف كثيرة أقصى ما كان يطمح إليه، ولكنه يرغب بالمزيد على الرغم من كل ذلك. إنه يرغب في شيماموتو، لكنه في الحقيقة لا يملك أدنى فكرة عما يعنيه ذلك. وكما أن غرب الشمس لا يمكن الوصول إليه أبدا، فإن هاجيمي لن يستطيع أبدا العودة إلى الماضي الذي عاشه مع شيماموتو.
هذه هي الحقيقة الأساسية في "جنوب الحدود، غرب الشمس". الماضي مختلف دائما عن الحاضر، وعندما نبحث في المستقبل عما كنا عليه في الماضي وما كان لدينا آنذاك هو مما لا طائل منه، لأن الماضي لا يعود أبدا.
نبذة عن الكاتب
ولد الروائي الياباني هاروكي موراكامي سنة 1949م بمدينة كيوتو، بدأ حياته كإداري في نادي لموسيقى الجاز، ثم تحول للكتابة الروائية، وترجمت أعماله إلى ما يقارب الأربعين لغة، وفاز بجائزة فرانز كافكا الأدبية، وصدر له من الروايات "الغابة النرويجية" و"سبوتنيك الحبيبة" و"كافكا على الشاطئ" وغيرها.
ويعد هاروكي موراكامي أشهر الروائيين اليابانيين المعاصرين، وتتصدر رواياته قوائم الروايات الأكثر مبيعا، وتترجمها وتنشرها كبريات دور النشر في العالم.
اقتباس من الرواية
"سألتها: لكن ماذا يوجد هناك، إلى الغرب من الشمس؟، هزت رأسها وقالت: "لا أعرف. ربما لا شيء، وربما شيء ما. ولكنه في جميع الأحوال مختلف عما يوجد جنوب الحدود".