مكتبة

رواية الظلال المحترقة

رواية الظلال المحترقة، للكاتبة البريطانية/ الباكستانية كاملة شمسي، قدمت في روايتها الوحيدة، والتي تمت ترجمتها إلى العربية "الظلال المحترقة"، بانوراما لأهم حروب العالم، عرّفتنا من خلالها على آلام البشر العاديين، الذين يتم سحقهم تحت الأقدام لأهداف ومصالح لا يفقهون عنها شيئاً.

واستخدمت الكاتبة في ذلك شخصية رئيسية هي "هيروكو" اليابانية، التي بدأت بها الحكاية وانتهت أيضاً، وعاش معها القارئ العديد من المراحل والمحطات الحزينة منها والسعيدة.

تحفل الرواية بالعديد من الشخصيات، لكن يمكن اعتبار "هيروكو" هي البطلة الرئيسية للرواية، حيث تبدأ الرواية بهيروكو الشابة في نجازاكي في نهايات الحرب العالمية الثانية، والتي تجمعها قصة حب بكونراد، الشاب الألماني، الذي يحيا في مزرعة أخته "إليزابيث"، وفي هذه الأثناء تسقط القنبلة الذرية لتنهي الحياة كما عرفتها هيروكو، وتفقد كل من كونراد وأبيها الذي شاهدته يموت أمامها وهو أقرب للزواحف منه للبشر بعد ما شوهته القنبلة.

صارت الحياة لا تطاق بالنسبة لهيروكو في نجازاكي، وقد تركت القنبلة جروحاً في كل من قلبها وجسدها، لذلك تركت اليابان إلى الهند في رحلة لشفاء روحها، مما غير مجرى حياتها للأبد، هناك التقت إليزي أخت كونراد التي تعيش زواجا مملاً، وتتعرف كذلك على "سجاد"، الشاب الذي التقى به كونراد في إحدى زياراته للهند، وعرّفه على زوج أخته، ليصبح كما لو أنه أحد أفراد العائلة وتجمعه علاقة قوية بكل من الزوج والابن هنري.

يبدو الأمر كما لو أن كونراد كان وجوده في حياة كل من هيروكو وسجاد فقط ليجمعهما سوياً في يوم من الأيام، لتبدأ قصة حب جديدة في حياتها، ولكن أيضاً في فترة عصيبة من تاريخ الهند، حيث أن وقت رحيل بريطانيا عن الأخيرة، ولكن أيضاً بدأ تقسيمها وفقا لعوامل ديموغرافية دينية، لتظهر باكستان المسلمة، وقد كان من ضحايا هذا التقسيم عام 1947 فقط ما بين عشرة إلى عشرين مليون نسمة.

وقد حاول الزوجان الحديثان الهروب من هذا الصراع المرير، فرحلا إلى تركيا في رحلة شهر عسل مهداة من الزوجين جيمس وإليزابيث، ولكن عندما قررا العودة، وجد سجاد أن الهند أغلقت أبوابها في وجه.

تقفز الأحداث هنا 36 سنة، لتصبح بعدها هيروكو امرأة في منتصف العمر، وأماً لصبي مراهق، وتعمل لسنوات كمعلمة، وتحيا مع سجاد في باكستان، المكان الوحيد الذي فتح لهما ذراعيه. ونتعرف كيف مدت هي وزجها جذورهما في الأرض الجديدة، وشعورهما طوال الوقت أنهما مهاجرين، هي بملامحها اليابانية، ووسم القنبلة التي ينظر لها الجميع استغرابا، وابنها ذو الملامح المختلطة الذي يجعل الجميع يطالعه مرارا حتى يستطيع أن يحدد من أي عرق هو.

الجزء من الرواية الذي دارت أحداثه في باكستان هو الأطول والأكثر إيلاماً في الرواية، حيث نقترب من أزمة هوية كل من أفراد العائلة، وينتهي كذلك بطريقة مأساوية.

انتهت أحداث الجزء الخاص بباكستان من الرواية في ثمانينات القرن العشرين، ليبدأ الجزء التالي في نيويورك وأفغانستان في بداية الألفيات، ولكن الكاتبة ملأت الفراغ بين الحقبتين بالكثير من التفاصيل.

لنعرف الكثير من الصراع الهندي الباكستاني الذي كاد ينتهي بإلقاء قنبلة ذرية جديدة، وهو السبب الوحيد الذي دفع هيروكو لترك باكستان لتبدأ بناء جذور جديدة وهي في شيخوختها، فحياتها لا تحتمل مأساة نووية أخرى بعد ناجازاكي.

ولكن حتى نيويورك ليست بعيدةً عن المصائب التي كما لو أنها تطارد هيروكو شخصياً! فيسقط البرجين، وابنها يعمل مع ابن إليزابيث في شركة أمنية في أفغانستان، لتجد نفسها طرفاً في الصراع الأمريكي الأفغانستاني رغماً عنها.