مكتبة
رواية البؤساء

البؤساء أو البائسون (بالفرنسية: Les Misérables) رواية للكاتب فكتور هوجو، نشرت سنة 1862، وتعد من أشهر روايات القرن التاسع عشر، يصف وينتقد فيها الظلم الاجتماعي في فرنسا بين سقوط نابليون في 1815 والثورة الفاشلة ضد الملك لويس فيليب في 1832. وكتب في مقدمته للكتاب "تخلق العادات والقوانين في فرنسا ظرفا اجتماعيا هو نوع من جحيم بشري. فطالما توجد لا مبالاة وفقر على الأرض، كتب كهذا الكتاب ستكون ضرورية دائماً".
تبدأ الرواية عام 1815 في مدينة ديني الفرنسية، حيث كان جان فالجان قد أطلق سراحه للتو بعد تسعة عشر سنة قضاها مسجونا في سجن طولون، خمسة عن سرقة خبز لأخته وأطفالها الذين يتضورون جوعا، وأربعة عشر سنة أخرى عن محاولاته العديدة للهرب. فأصبح أصحاب الفنادق يرفضون استقباله بسبب جوازه الأصفر الذي يشير إلى كونه مجرما سابقاً. فينام على قارعة الطريق يملأه الغضب والمرارة.
يستضيفه شارل ميريل أسقف المدينة في بيته، فيسرق منه أوان فضية، وعندما تقبض عليه الشرطة، يتظاهر ميريل بأنه أعطى هذه الفضيات لجان فالجان. تقبل الشرطة هذا التبرير وتمضي. فيخبر ميريل جان فالجان بأن حياته قد وهبت لله، وأن عليه أن يستخدم المال الذي تعدله هذه الفضيات ليجعل من نفسه رجلاً صالحا.
يأخذ جان فالجان كلمات ميريل ويمضي، وفي طريقه يسرق نقوداً من أحد الأولاد، لكنه سرعان ما يندم على ذلك، فيعود للبحث عن الصبي، إلا أن خبر سرقته بلغ للشرطة، فيختبئ جان فالجان لأن القبض عليه يعني إعادته إلى سجن طولون مدى الحياة.
تمر ستة أعوام، ويصير جان فالجان - مستخدماً اسم مادلين - مالكاً ثرياً لمصنع في مدينة (مونتريل سرمير)، ويتم تعيينه عمدة للمدينة. وبينما هو يسير في الطرقات شاهد رجلاً محصورا تحت عجلات عربة، فيتطوّع لإخراجه، ويستلقي تحت العربة ليرفعها وينقذه. شهد الموقف محقق شرطة يُدعى جافيير، والذي كان حارساً في سجن طولون وقت احتجاز جان فالجان، فتآكله الشك في شخصية العمدة بعد أن شاهد قوته في رفع العربة، قد كان يعرف شخصاً واحداً بهذه القوة، مجرماً اسمه جان فالجان.
قبل ذلك بسنوات، عاملة اسمها فانتين، كانت تحب رجلاً تخلى عنها وعن طفلتها كوزيت، وعندما وصلت فانتين إلى مدينة مونتفيرميل تركت طفلتها كوزيت في رعاية عائلة تيناردييه، وهو صاحب نزل فاسد وزوجته سيئة الطباع. إلا أن فانتين تتعرض للطرد من مصنع جان فالجان الذي كانت تعمل فيه لكسب قوتها، بسبب اكتشاف قصة طفلتها التي أنجبتها دون زواج. في ذات الوقت، طلبات أسرة تيناردييه المالية تزداد، وبكل يأس تضطر فانتين لبيع شعرها وأسنانها الأمامية، والعمل في مهن وضيعة لتدفع لتيناردييه. ومع مرور الوقت تمرض فانتين.
وفي أحداث أخرى يُتَهم رجل جائع بالسرقة بعد أن التقط عن الطريق العام غصنا فيه بقايا فاكهة. ولما كان هذا الرجل كثير الشبه بجان فالجان فقد وجهت له تهمة السرقة على أنه هو جان فالجان مع ربطها بتهمة سرقة سابقة. أما مفتش الشرطة جافيير فقد كان من أكثر المتحمسين لإلصاق التهم بهذا الرجل، وشهد أمام المحكمة أنه جان فالجان نفسه.
سلم مسيو مادلين أو جان فالجان، نفسه للمحكمة بعد صراع طويل مع الذات وتأنيب الضمير، كي ينقذ ذلك الرجل البريء، وكشف عن حقيقة نفسه مما عرضه لعقوبة السجن من جديد. ولكنه استطاع الفرار والاختفاء، وقضى بقية حياته طريدا بعد أن تبنى كوزيت ابنة فانتين التي توفّيت، وكرس حياته لإسعادها.
تعبير "البؤساء" تعبير فرنسي تم ترجمته إلى الإنجليزية، فبالفرنسية، وله معنيان، "أناس يعيشون في بؤس"، ويعني أيضا "أناس يعيشون خارج المجتمع وفي فقر مدقع". إن اهتمام فيكتور هوجو بالعدالة الاجتماعية وبهؤلاء البؤساء واضح، لكن لم تكن رغبة فيكتور هوجو في تحسين الظروف للمواطنين العاديين في فرنسا التي جعلت هذه الرواية رواية عظيمة، بل تكمن عظمة الرواية في كون فيكتور هوجو كان رومانسيا في قلبه، والكتاب مليء بلحظات من الشعر العظيم والجمال. إن فيه عمق الرؤية وحقيقة داخلية جعلت منه عملا كلاسيكيا لايحدده وقت، أحد الأعمال الرائعة في الأدب الغربي حتى اليوم، وذلك بعد مرور ١٥٣ عام من كتابته، إلا أن كتاب البؤساء يظل قصة قوية تتربع على عرش الأدب.
وظهرت رواية البؤساء على المسرح والشاشة عبر المسرحية التي تحمل نفس الاسم، كما تم تمثيل فيلم للرواية بذات الاسم عام 2012، وقد حقق مبيعات ضخمه ووصل تقييمه إلى 7.6/10، وحاز على عدة جوائز.