رواية كبرتُ ونسيت أن أنسى، للكاتبة الكويتية بثينة العيسى، تطل علينا بفكرة غنية، حيث تقُصّ لنا حكاية الشاعرة "فاطمة" التي يُباغتها اليتم في بداية حياتها، وهي ابنة الثالثة عشر، فتضطر إلى العيش مع "الأخ الأكبر"، بأفكاره التقليدية، فيكاد أن يفقدها حياتها، من خلال تقييدها وتحريم كل ما يمر على يدها من مُتع صغيرة بسيطة، فالألعاب والصور التذكارية والكتب غير التعليمية والشعر والأدب كلها حرام، فتغدو فاطمة جسدا بلا روح، تسكن السرداب وتعامل كالظل، لا أحد يعيرها الانتباه سوى لتوبيخها باسم إصلاحها لتصبح فتاة مسلمة بحق.

فتحاول البطلة فاطمة، استكشاف العالم بنفسها ومن خلال تجربتها الخاصة جدًا، بعد القهر والإذلال داخل "سرداب" أخيها "صقر"، فإذا بها تلجأ إلى الكتابة خفية، فتتملكها المشاعر وتفيض الكلمات دونما إدراك منها بأن ما تكتبه يُعد شعرا، وأصرت الكاتبة أن يخرج الحرف والكلمة بتلك الأحاسيس والشعور المنغمس بالظلم الروحاني من الحياة.

وتمر على فاطمة في حياتها المتقلّبة عدّة شخصيات، من أبرزها صديقتها "حياة"، والتي تنقل لها الحياة على حقيقتها بينما هي حبيسة السرداب.

بعد أن تلتحق فاطمة بالكلية تقع في حب شاب عن طريق الانترنت، فتغور معه في حياة الشعر والأدب، وتكتشف المجهول الذي كان ظاهرا للعيان، خفيا عليها وعلى حيطان سردابها، حتى تحدث الكارثة، ويكتشفها أخوها الأكبر صقر، فيحبسها في سجنها ثلاث سنوات، ويحاصرها في كل شيء، ويمنعها من كل القليل الذي كانت تملكه، فيغدو الجحيم مسكنا لها والموت حياة.

بعدها يقوم صقر بتزويجها من شاب لطيف يُدعى "فارس"، إلا أن فارس في دواخله صورة مُجمّلة من صقر، في معتقداته وإيمانه بكبت المرأة وتلجيمها. حرمها من التعليم ومن كتابة الشعر ومن الوظيفة، ولم يسمح لها بتجربة الحياة التي في الأصل هي لا تعرف معناها.

من هنا تقرر فاطمة أن تتركه وتطلب الطلاق، بعد أن بلغت الخامسة والعشرين من العمر، وبدأت تُحس بأنها تفقد ماهيتها وكل معانيها، فتقرر أن تأخذ زمام الأمور بيدها، وتسيطر عليها فكرة أن لا تسمح لأحد بأن يتحكم بها أكثر من ذلك. وتبدأ مشوار النضال.

في نهاية الرواية، تلتقي فاطمة مجددا بعصام، الشاب الذي أحبته، وعشقت الشعر واكتشفت ذاتها معه عندما كانت في المرحلة الجامعية وقبل أن تقع كارثة الأخ الأكبر، وكانت قد تحررت من زواجها وحصلت على وظيفة في إحدى الصحف، وبدأت تخط شعرها علنا وتحيا حياة البشر، فتبدأ مع عصام مغامرة جديدة.

عودة