مكتبة

رواية ثرثرة فوق النيل

ثرثرة فوق النيل، إحدى روايات الأديب الفذ نجيب محفوظ، نُشرت في 1966. بعد نشر الرواية تعرض محفوظ لغضب المسئولين من مجلس قيادة الثورة، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

تدور الرواية في عوامة على ضفاف النيل، يجتمع في هذه العوامة مجموعة من الأصدقاء لا تكاد تجد هناك رابط حقيقي مشترك بينهم، إلا العربدة وإدمان تعاطي المخدر.

وتأتي أحداث الرواية في صورة محادثة بين هؤلاء الأصدقاء داخل العوامة، و"أنيس" بطل القصة، لا يكاد يرجع إليه عقله، فهو يهلوس من أول الرواية إلى آخرها، وهو حانق أشد الحنق على واقعه وعلى مديره في الوظيفة، على الرغم من أنه مثقف جدا، ولديه خلفية تاريخية موسوعية، فهلوسته عندما يتعاطى المخدرات لها طابع تاريخي، فيرى المماليك والرشيد والملوك والفراعنة.

أصدقاء العوامة جماعة مثقفة تقاطع الحياة ودنيا السياسة والناس. تعيش حياتها طولا وعرضا كما تريد هي لا غيرها، حياة عبث، حياة لذاتهم الخاصة، ورأي المثقف لا يُعبأ به في نظرهم، لذلك تركوا كل شيء ليقرره الطغاة في نظرهم، بينما هم يعيشون في واد آخر يروق لهم، "نرى أن السفينة تسير دون حاجة إلى رأينا أو معاونتنا، وأن التفكير بعد ذلك لن يجدي شيئا، وربما جرّ وراءه الكدر وضغط الدم".

ولما أرادوا أن يخرجوا ليتعرفوا على العالم الآخر المحيط بهم -ونادرا ما يفعلون- كانت الحادثة التي صدمتهم جميعا، وأقلقت الضمير الغافي، ومع ذلك فقد كان التعامل مع تلك الحادثة تعاملا غريبا، يفسر للقارئ الضياع والتشتت الذي كانوا يعيشونه، وبالطبع كانت نتيجة ذلك انمحاء ونهاية وإفاقة من الحلم المعاش، النهاية الضائعة، والقلقة التي تهدف إلى تفسير حال الإنسان العربي المهدور والسارح في دنيا الضيم والطغاة.

من يقرأ الرواية في معزل عن ظروفها سيجدها عادية نوعا ما، لكن حين يعرف الوقت الحرج الذي كُتبت به سيدرك أنها كانت شُجاعة وجريئة في مواجهة الطغاة حينها، مما أدى إلى جلب المشكلات لكاتبها نجيب محفوظ، من خلال استنفار رجال السلطة، لكن عبدالناصر وقف مع الأديب الراحل -كما يقال-، ورأى أن الرواية ليس فيها ما يؤذي، وبذلك نجا فيها أسلوب الأدب ذو السوط النقدي من سطوة الساسة.