عصور ما بعد الإسلام

رويـدكَ إنَّ الموجَ في البحرِ صاخبُ

عبد الرحمن العشماوي
رويـدكَ إنَّ الموجَ في البحرِ صاخبُ ****وبالله لا بـالـناس تُقضى المطالبُ

أرى لـكَ فـي شـأني أموراً غريبةً **** أقـاومُ شـكـي عـندها وأُغالِب

أرى لـك فـي وقت اللقاء بشاشةٌ **** بـها تبطلُ الدعوى وتصفو المشاربُ

ويـسـعـدنـي منك ابتسامُ مودَّةٍ **** وقـولٌ جـمـيلٌ لم تشبهُ الشوائبُ

وتـنـصـحني نُصح المحبِّ ، وإنما **** بـنُـصح سليم القلب تُمحى المثالبُ

ولـكـنـنـي أشقى بأمركَ ، كلما **** دعـانـي إلـى نشر المبادئ واجبُ

كـأنـك لم تلمس صفاءَ مشاعري **** ولـم تـنقشع عن ناظريكَ الغياهبُ

لماذا أشكُّ في سلامة مقصدي ؟ **** فـيـا ضيعة الدنيا إذا شكَّ صاحبُ

وربِـكَ مـا أرسـلْتُ شعري لِرِيبةٍ **** ولا صَـرَفـتني عن همومي الرغائِبُ

أصـدُّ جـيوش الوهم عني وفي يدي **** حـسامٌ - من الإيمان بالله - ضاربُ

ومـا أنـا مـمن يُنْسَجُ الظنُّ حَولَهُ **** عـلـى غـير بابي تستقرُّ العناكبُ

ومـا أنـا مـمـن يسرِقُ المالُ لُبَهُ **** ولا أنـا مـمـن تـستَبِيهِ المناصبُ

أُسـيِّـرُ فـي درب الصلاح مواكبي**** إذا طـوحـتْ بـالسائرين المواكِبُ

وأحـمـلُ فـي كـفي يراعاً أسلُّهُ **** عـلـى كـل فِكر ساقطٍ وأحاربُ

ولـولا اقـتـدائي بالرسول ونهجهِ **** لـسارتْ بشعري في الهجاء المراكبُ

أخـا الـحق لا تفتحْ لِظنك مسلكاً **** إلـيَّ فـإنـي فـي رضى الله دائبُ

وإنـي مُـشـيـدٌ بالصوابِ إذا بدا ****وإنـي لِـمن لايُحسنُ الفعلَ عاتبُ

وأغـسـلُ أخـطائي بشلال توبتي **** أتـوب إلـى ربي ، وما خاب تائبُ

أخـا الـحـق ما بيني وبينك فُرْقَةٌ **** كـلانـا مُـحبٌ للصلاح وراغبُ

كـلانـا إلـى ديـن المهيمن ننتمي **** إذا ذهـبـتْ بـالـواهمين المذاهبُ

عـتـابـي عـلـى قدر الوفاء أبثُّهُ **** وعـنـدي لأصحاب الوفاءِ مراتبُ

ولـولا صفاء الودِ في النفس لم تجدْ **** صـديقاً - إذا جار الصديقُ- يعاتِبُ

فَـطَـمْئِنْ على حالي فؤادكَ ، إنني **** أُعـادي عـلى نهج الهدى وأصاحِبُ

ولـلـه وجـدانـي ولـلـه نبضُهُ **** ومـن أجـلِهِ أرضى وفيهِ أُغاضِبُ

أخـا الحقِ - عفواً - إن شعري مُبَلِّغٌ ****رسـالـةَ قـلبي ، والقوافي رَكائبُ

أسـيِّـرهـا في كلِّ أرضٍ فترتوي **** بـها أنفسٌ عَطْشَى ، وتُجلى مواهِبُ

بـعـثْـتُ إليكَ الشعرَ يُشرِقُ لفظُهُ **** وضوحاً ، فما في قاع شعري رواسِبُ

أخـا الـحق .. يَفْنَى كلُّ شيءٍ وإنما **** نُـقَـاسُ بـما تُفضي إليه العواقِبُ

يـدومُ لـنـا إخـلاصُـنا ويقينُنا **** ومـا دونَـهُ في هذه الأرض ذاهِبُ