العصر الحديث
بين الرياء والحياء

عبد الله الطيب
كلما لاح برقها خفق القلـ **** بُ وجاشت من الحنين العروقُ
وأُراها بغتا فيوشك أن يُسـ **** ـمَعَ من هاجس الضلوع شهيق
وعلى صدرها ثنايا من الخزْ **** ـزِ مُلِحّ من تحتهن خُفوق
وتراءت بجيدها مثلما يشـ **** ـترف الظبي أو يَشِبُّ الحريق
أتمنى دُنُوَّها ثم أنأى **** فَرَقَ الناس, إنني لَفَروق
وأظن الرقيب يرمقني من **** كل فج له سهام وبوق
وهي تزجي الحديث من فمها النا **** عِسِ, يا حبذا النبيذ العتيق !!
وأشارت بنانها ومن العسـ **** ـجد وَقْفٌ وللثنايا بريق
والمحيّا ريّان طلق وطفل الـ **** ـحب في الناظر الضحوك غريق
تَدّعي غير حبها فتعاصيـ **** ـه وفي سرك الحفيُّ الرفيق
وتخاف الصدود منها إذا صدْ **** ـدَتْ وإن أقبلت فأنت تضيق
ذق لَمَاها وضُمّ موجة ثدييـ **** ـها فإن الحياء دِين رقيق
مشرق في شبابها عنب الفتـ **** ـنةِ هَلا وقد دعاك تذوق
شاقك المورد الرّويّ وما حظْـ **** ـظك إلا التصريد والترنيق
أَوْمضت مُزْنة الجمال بساقيـ **** ـها وطير الصِّبا حبيس يتوق
ليت شعري عن الرقيب أيغفو **** ناظر منه أم إليها طريق
أم يَبَرّ الزمان لاعج أسوا **** ن بوصل فقد براه العقوق
عَدِّ عنها فقد عداك رياء النْـ **** ـناس لا يسلك الرياء المشوق
وابك أيامك اللواتي تقضّيـ **** ـن فقد باين الشبابُ الأنيق
ما تملّيت غير زهرة آما **** ل طوتهامن الليالي خريق
وعزاء الفؤاد كأس من الشعـ **** ـر دِهَاق حَبابُها مرموق
أَنّةُ المرهق الأسير وفي جنـ **** ـبيه من ثورة مَريدٌ طليق
أي شيء هذي الحياة سوى قيـ **** ـد يُعنّي الخطا وذعرٍ يسوق
وعبيدٌ هذا الأنام وعين الـ **** ـله عَبْرى وسيفُه ممشوق
ونظن الحقوق ترجعها العقـ **** بى وضاعت مع المطال الحقوق
وكأن الحمام غاية ما يطـ **** ـلبه المستهام والمعشوق
فَرُوَيْدَ الفؤاد في سِنَةِ العمـ **** ـر رويدا فعن قليل يُفيق
حين لا تنفع الندامة إذ خرْ **** ـرَ من الأَيْنِ عَدْوُكَ المسبوق